لندن- أ ش أ
رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن مصر بحاجة ماسة إلى عملية المصالحة بين جميع الأطراف قبل الإندفاع صوب صناديق الاقتراع, حيث عززت الخلافات الأيدولوجية الكراهية الشخصية بين جميع الأطراف والتي كثيرا ما دفعت البلاد صوب أعمال العنف.
وأضافت -في تعليق على موقعها الإلكتروني اليوم الجمعة - أنه من الصعب تخيل كيف تستطيع مصر رأب الصدع بدون تواجد نيلسون مانديلا آخر أو حركة شعبية تدعو إلى نبذ العنف وتلتزم بهذا الهدف, مشيرة إلى أن مصر بحاجة إلى ألا تتسرع مرة أخرى في تحولها الديمقراطي, حيث أن تسرعها خلال الفترة الإنتقالية الأولى أغرق البلاد في سلسلة من الأزمات التي لا تنتهي والتي بلغت ذروتها في الإضطرابات الأخيرة التي أصابت البلاد.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في حالة تحقيق المصالحة الوطنية فإنه سيكون انتصارا للثقافة الديمقراطية على الغرائز الاستبدادية الراسخة بعمق بين أوساط المؤسسات والطبقة السياسية.
وعزت الصحيفة البريطانية فشل جماعة الإخوان المسلمين في بناء الجسور مع المعارضة المصرية وعدم قدرتها على خلق توافق في الآراء إلى اعتقادها بأن الديمقراطية كانت تتلخص في الشخص الفائز والذي يحصد كل شيء.
ونوهت إلى أن التركيز الشديد على مسألة التوافق بين القيم الإسلامية والديمقراطية هي إحدى النتائج الهامة لموجة الاضطرابات الثانية في مصر, بينما بناء الجسور مع المعارضة والسعي نحو اتفاق هو المسار الوحيد لتسيير أمور مجتمع منقسم مثل مصر.
وبينت الصحيفة أن الإخوان لديهم الآن الخيار في البحث عن ذاتهم أو الاستمرار في الانحاء باللائمة على المؤامرات الخارجية والترويج لفكرة الغرب الصليبي ... لافتة إلى أن الخيار الأول يمهد الطريق إلى التسوية وتقاسم السلطة, بينما يؤدي الآخر إلى الموت البطيء والمؤلم.
وأضافت "الجارديان" أن جماعة الإخوان المسلمين أتقنت فن ازدواجية الخطاب, حيث تخاطب الغرب بلغة الديمقراطية وحقوق الإنسان, بينما تخاطب الجماهير من الفقراء بلغة الجهاد والكراهية من أجل إشعال الحماسة ... لافتة إلى أن الجماعة يجب أن تغير من أسلوبها إذا ما أرادت أن يصدق الشعب مجاهرتها باحترام القيم الديمقراطية, إلا أن الصحيفة لا تعتقد أن الجماعة على وشك القيام بذلك في الوقت الحالي.
وأوضحت الصحيفة أن الجماعة بحاجة إلى مراجعة أفكارها الرئيسية التي أرساها مؤسسها حسن البنا, حيث أنها ظلت بمنأى عن أي تغيير منذ أكثر من ثمانين عاما.
وذكرت الصحيفة أنه بعد سنتين وأربعة أشهر من ثورة الشعب المصري ضد نظام مبارك في يناير 2011 للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية, انتقلت السلطة مرة أخرى إلى أيدي زعماء غير منتخبين بعدما وعدوا الشعب بتحويلهم لمسار الديمقراطية ... مضيفة أن الرئيس المؤقت عدلي منصور أعلن جدولا زمنيا مصمما -حسب وصف الصحيفة- لطمأنة المخاوف الدولية من أن مصر لن تنزلق مرة أخرى إلى نوع من الحكم العسكري, مشيرة إلى تأكيد النظام الجديد على أن البلد سوف تعود مرة أخرى إلى مسار السياسة الطبيعي ببرلمان ورئيس منتخب خلال تسعة أشهر ... لافتة إلى أن هذا يعد أمرا غير واقعيا للغاية نظرا لحجم العمل المطلوب تنفيذه من خلال جلب جميع الأطراف مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات من أجل الاتفاق على دستور جديد.