الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء
القاهرة - رويترز
قد تبعث الحكومة المصرية الجديدة التي يدعمها الجيش على الرضا في نظر المستثمرين لضمها اقتصاديين من ذوي الخبرة ضمن مجلس وزراء سيختبر تماسكه اختبارا قاسيا في الأشهر القادمة.
فعلى مدى الأيام القليلة الماضية وقع الاختيار على اقتصاديين محنكين وخبراء لتولي حقائب وزارية مهمة في الحكومة الجديدة التي ستحل محل حكومة الرئيس محمد مرسي الذي أُطيح به منذ نحو أسبوعين في خطوة أحدثت استقطابا حادا بالمجتمع المصري.
ويبدو أن المجموعة الاقتصادية الجديدة تضم أفضل الخبرات رفيعة المستوى منذ انتفاضة فبراير 2011 التي أعقبتها عدة حكومات غير مستقرة كان الاختيار فيها على أساس الانتماء الفكري أو السياسي أكثر من الخبرة.
ولن تضمن مؤهلات الوزراء الجدد بمفردها أن تتمكن مصر من التغلب على مشكلات مثل مالية عامة متداعية وعجز تجاري كبير وتضخم مرتفع لكن تشكيل الفريق ربما يسهم بحد ذاته في استعادة ثقة قطاع الأعمال.
وقال محمد قطب مدير إدارة الأصول لدى شركة استثمارات المالية في القاهرة متحدثا عن الوزراء الجدد "أعتقد أنهم أذكياء بدرجة كافية للتعامل مع النتائج الجديدة على أرض الواقع."
وتوقع قطب أن يركز مجلس الوزراء الجديد على استعادة الأمن العام وتعزيز السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية مجددا إلى مصر وهي مطالب أساسية لمجتمع رجال الأعمال الذين شعر كثير منهم بالتجاهل من جانب حكومة مرسي.
وتضم الحكومة الجديدة وزراء بأفكار ووجهات نظر متنوعة لتهدئة حالة الغضب إزاء الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا لكن هذا قد ينبئ بمتاعب عندما تتصدى الحكومة لمشكلات الدعم والعملة.
وكانت حكومة مرسي تفتقر إلى الخبرات فعلى سبيل المثال كان اثنان من وزراء المالية أكاديميين درسا الاقتصاد الإسلامي بدون خبرة عملية تذكر في مجال الاقتصاد حيث مازال دور البنوك الإسلامية صغيرا للغاية بينما تواجه البلاد أزمة في ميزان المدفوعات.
وكان آخر وزير مالية في حكومة مرسي هو فياض عبد المنعم الذي تخصص في البحوث الاقتصادية الإسلامية وله دراسة بعنوان "الوظائف الاقتصادية للدولة الإسلامية في العهد النبوي والراشد".
وفشلت حكومات ما بعد الانتفاضة في مصر في جذب وزراء من ذوي الخبرة والكفاءة لأنهم كانوا يخشون أن يحسبوا على المجلس العسكري الحاكم حينئذ والذي كان لا يلقى قبولا شعبيا أو على فكر الإخوان المسلمين بعد ذلك.
ويبدو أن مجلس الوزراء الجديد تغلب على ذلك حيث سيضم وزراء يستطيعون التفاهم مع المستثمرين المحليين والأجانب وآخرين لديهم الخبرات الإدارية اللازمة لتنفيذ سياسات اقتصادية وسط أجواء من المعوقات الحكومية والبيروقراطية.
وسيقود رئيس الوزراء المكلف حازم الببلاوي دفة الأمور لحين إجراء انتخابات برلمانية بعد نحو ستة أشهر وقد سبق له إدارة البنك المصري لتنمية الصادرات لمدة 12 عاما ثم عمل بعد ذلك في منظمات اقتصادية إقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.
وحسبما أعلن الأحد، سيتولى حقيبة المالية أحمد جلال العضو المنتدب لمنتدى البحوث الاقتصادية في القاهرة منذ 2007 والباحث في البنك الدولي لمدة 18 عاما.
وتقرر تعيين زياد بهاء الدين نائبا لرئيس الوزراء وهو عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري ذي التوجه اليساري وحاصل على درجة الدكتوراة من كلية لندن للاقتصاد وأدار هيئة الاستثمار في مصر بين 2004 و2007.
وكان على الحكومة الإنتقالية المصرية ألا تتجاهل الجانب الايديولوجي والمواءمات السياسية في اختيار وزراء المجموعة الاقتصادية في إطار الجهود المبذولة لخفض التوترات السياسية حيث رشحت أشرف العربي وزيرا للتخطيط وهو المنصب نفسه الذي شغله بحكومة سابقة وهو خبير اقتصادي درس في الولايات المتحدة وتفاوض مع صندوق النقد الدولي الدولي بخصوص قرض قيمته 4.8 مليار دولار لكن لم يتوصل إلى اتفاق بشأنه حتى الآن.
وقال قطب "كأفراد كل على حدة أعتقد أن الحكومة الانتقالية تستطيع التعامل مع القضايا ذات الأولوية لكن التحدي الأكبر يتمثل في كيفية التعامل مع التحديات كفريق."
فبعد دقائق من تعيينه الإثنين بدا أن العربي يثير إمكانية حدوث خلافات داخل مجلس الوزراء بقوله للصحفيين إن الوقت ليس مناسبا لاستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي نظرا لمساعدات خليجية حصلت عليها مصر بقيمة 12 مليار دولار ستدعم البلاد في الأشهر القادمة.
ولم يتضح بعد ما إذا كان العربي يتحدث نيابة عن مجلس الوزراء بأكمله أو أن هذا هو رأيه الشخصي. ولم يصرح الببلاوي علانية بما إذا كان يريد تسريع اتفاق الصندوق الذي يمكن أن يساهم في عودة المستثمرين الأجانب إلى مصر.
ويستبعد كثير من الخبراء الاقتصاديين إمكانية التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد قبل الانتخابات البرلمانية لأنه سيتضمن التزامات سياسية باصلاحات اقتصادية ستجد الحكومة الانتقالية صعوبة بالغة في تنفيذها.
وقال وليام جاكسون خبير الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونومكس في لندن "سيكون من الصعب للغاية بأي حال إبرام اتفاق مع الصندوق قريبا" مضيفا أن تصريحات العربي كانت "مجرد تقييم واقعي".
وسيكون على مجلس الوزراء الجديد اتخاذ قرارات سياسية صعبة في الأشهر القليلة القادمة مثل كيف سيبدأ في إصلاح نظام دعم الوقود والغذاء باهظ التكلفة والذي يقوض المالية العامة للدولة. وتحتاج مصر إلى خفض الإنفاق العام بدون الإضرار بالفئات الفقيرة.
وهناك مشكلة أخرى تتمثل في سياسة العملة التي من المتوقع أن يناقشها مجلس الوزراء مع البنك المركزي. فبعدما فقد الجنيه المصري نحو 15 بالمئة من قيمته أمام الدولار ليصل سعر العملة الأمريكية إلى حوالي سبعة جنيهات في الثمانية عشر شهرا الأخيرة تدعم الجنيه قليلا منذ الأسبوع الماضي مع تشكيل الحكومة الجديدة.
ومع تدفق المساعدات الخليجية فقد تتجه السلطات لإنفاق بعض تلك الأموال للحيلولة مزيد من الهبوط في قيمة العملة وتقليص التضخم ومحاولة استعادة ثقة المستثمرين من خلال تحقيق أداء أفضل للجنيه مقارنة بفترة حكم مرسي.
لكن سياسة كتلك ستستنزف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي ويمكن أن تضر بالاقتصاد من خلال تقييم الجنيه بأكثر من قيمته الحقيقية وتقدر كابيتال إيكونومكس القيمة العادلة للعملة والتي تساعد على تعافي الصادرات المصرية عند نحو 7.50 جنيه للدولار.
ورغم ذلك فإن كثيرا من رجال الأعمال مستعدون في الوقت الحاضر لمنح مجلس الوزراء الجديد فرصة.
وقال أشرف أخنوخ كبير المتعاملين لدى التجاري الدولي للسمسرة في القاهرة "نحن متفائلون بمجلس الوزراء الجديد لاسيما وأن معظم أعضائه لديهم خبرات اقتصادية كبيرة. المشكلة الرئيسية هي بناء توافق على السياسات وإظهار بعض النتائج للمواطنين. لا يملكون رفاهية إضاعة الوقت - مصر تحتاج لنتائج سريعة وأهداف بعيدة."