المصري.. للحضارة قصة
الجمعة 31 مايو, 2013 - 19:40 بتوقیت أبوظبي
محمود التميمي- القاهرة - سكاي نيوز عربية
يعد المتحف المصري في القاهرة أحد أهم متاحف العالم. لكنه يواجه مخاطر عدة بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير، تتمثل في تصدع مبنى الحزب الوطني المحترق الملاصق له، وكذلك غياب الدعم المالي لاستكمال مشروع المتحف المصري الكبير قرب أهرامات الجيزة، بينما يضيق المتحف المصري في ميدان التحرير بـ200 ألف قطعة من مصر الفرعونية.
وخلف جدران المتحف، التي ناهز عمرها قرنا من الزمان، يتجسد تاريخ مصر لأكثر من ثلاثة آلاف عام، حيث يرقد ملوك مصر إلى جانب 200 ألف قطعة فنية لا مثيل لها في العالم مثلت حضارة عجز العلم حتى الآن عن كشف كل أسرارها.
وعند دخول الزائر للمتحف يجد حشدا من الملوك و الوزراء يقفون لاستقباله في بهو المتحف المصري، فهناك الملك رمسيس الثاني صاحب المعارك الشهيرة والمهندس أمنحتب ابن حابو باني معبد الأقصر، وفي صدارة المشهد الملك أمنحتب الثالث وزوجته الملكة تي يبتسمون للزائرين،وتبدو الابتسامة في نحت الفم في كلا التمثالين.
وبين تماثيل الملوك والمهندسين والكهنة، تجد تابوتا جرانيتيا لا مثيل له في العالم نحت على ظهر غطائه تجسيد للمعبودة "نوت" ربة السماء عند الفراعنة.
وللموت مكانة خاصة عند المصريين القدماء، لكن الحياة تنبض في إبداعات أخرى تجسد الحياة اليومية قبل ثلاثة آلاف عام، وأقدس أشكال الحياة عند المصريين القدماء كانت الكتابة.
ومن كنوز المتحف أيضا يبرز مراقب عمال بناة الأهرامات، وهو شيخ البلد أو هكذا أطلق عليه المصريون المحدثون.
والتماثيل في مصر القديمة لم تكن للتكريم فقط، ولكنها وسيلة الروح في التعرف على الجسد حين يبعث الناس حسب العقيدة القديمة، ويظهر ذلك جليا في تمثال الملك خفرع، إذ يجسد ملامحه بدقة شديدة تثير دهشة علماء المصريات حتى الآن.
وعادة ما يكون الزائر للمتحف المصري قادم من زيارة الأهرامات فيثور السؤال عن تماثيل أكبر بناة الأهرامات في العالم، وهو الملك خوفو، وعادة ما تصدم السائل مفاجأة، لأن التمثال صغير جدا.
هذا التمثال المتناهي الصغر للملك خوفو، صاحب أكبر الأهرامات، ربما يكون أكثر ما يدهش زوار المتحف المصري، فلم يعثر لصاحب أكبر معجزة هندسية في الحضارات القديمة على أي تمثال، سوى هذا.
الدهشة لا تنتهي أمام كنوز المتحف المصري، فالأمير رع حتب وزوجته نفرت يرحبان بالزائر في قاعة من قاعات المتحف، ورغم ما في وجهيهما من وداعة هرب عمال التنقيب ساعة اكتشافهما في مقبرة رع حتب فزعا. فلقد خيل لهم أن الحياة دبت في التمثالين من فرط الإتقان.
وللحب قصة في المتحف المصري، فكما تجد رع حتب جالسا إلى جانب زوجته منذ آلاف السنين، وكذلك أمنحتب والملكة تي، تجد القزم "سنب" الذي أحب امرأة شديدة الجمال وأحبته فكان لهما تمثال داخل المتحف.
وكما كان للحب مكان في المتحف المصري فإن للحرب مكانا أيضا. فجدران المتحف تصور وتحكي كيف أدبت جيوش مصر قبائل الشرق التي طالما هاجمت مصر عن طريق سيناء.
الخطر يحيط بالمتحف
لكن المتحف واجه أوقاتا عصيبة يوم الثامن و العشرين من يناير عام 2011 حينما انتهك اللصوص حرمته يوم جمعة الغضب بعد أن كسروا نوافذه واستولوا على قطع أثرية لا تقدر بثمن.
وحطموا بعضها أيضا، وفروا هاربين بعد دخول قوات الجيش إلى المتحف لتأمينه وسط نداءات من مثقفين و شخصيات عامة رغم نفي زاهي حواس وزير الآثار يومها سرقة نفائس المتحف.
وكان صعبا على علماء المتحف المصري رؤية روائعه وقد تحطمت على بلاط المتحف وداستها أقدام اللصوص، لكن قدرتهم على ترميم بعض ما تحطم عوضت بعض هذه الخسارة.
لكن الخطر على المتحف المصري لا يزال باقيا، فبقايا مقر الحزب الوطني المحترق والمتصدع تلاصق مبنى المتحف وتهدد سلامته.
كما أن ميدان التحرير المفضي إلى المتحف لا تنقطع فيه التظاهرات المحتجة أو المؤيدة. وشهد قبل ذلك صدامات عنيفة انتهت غير مرة إلى إلقاء زجاجات حارقة في حديقة المتحف الأثرية، ما هدد سلامة زوار المتحف من السائحين الأجانب.
وإلى أن يتم إنشاء المتحف المصري الكبير قرب الأهرامات سيظل المتحف المصري في ميدان التحرير تحت التهديد.