- الكود:
-
[
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حديثنا في هذا العدد في فقرتنا الأدبية أحببنا أن يكون مختلفا بعض الشيء
فالكثير منا يحب الكتابة و يتمنى أن يمسك القلم و يكتب ما يشاء
لا سيما ذاك الفن المعروف باسم القصة أو الرواية, الذي يظنه البعض منا سهلا
رغم أنه في الحقيقة في منتهى الصعوبة و يحق فيه وصفنا له بالسهل الممتنع
لذا فكرت هذه المرة أن أضع لكم نبذه بسيطة حول هذا الفن
و مقوماته الأساسية التي تصل به إلي بوابة النجاح
هى سرد واقعي أو خيالي لأفعال معينه,
و يقصد به إثارة الإهتمام و الإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء.
و يقول ( روبرت لويس ستيفنسون) - و هو من رواد القصص المرموقين-: ليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛
فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها،
أو يأخذ شخصية و يختار الأحداث و المواقف التي تنمي تلك الشخصية،
أو قد يأخذ جوًا معينًا و يجعل الفعل و الأشخاص تعبر عنه أو تجسده.
لابد أن يتمتع الكاتب دوما بخيال خصب و قدرة على تأمل كل شيء من حوله
و فهم عميق لكل شيء يدور حوله و قدرة كبيرة على ملاحظة الإنفعالات و النظرات و الحركات من حوله
لأن كل هذا سيمثل له مادة خصبه تمكنه من التعبير بسهولة و وضوح عما يريد أن يصفه أو يعبر عنه
و لقد قال أحد الكتاب ناصحا : إختبر في نفسك بديهة الطفل و رويّة الشيخ,
طوّر قابليتك على رؤية المخلوقات و الكائنات، أنظرها -كل حين- و كأنك تراها لأول مرة...
فاعتياد الرؤية يقتل الأشياء, يحنّطها، فاخرج من شرنقة الإعتياد و الروتين لتكون كاتباً متفرداً
لابد للكاتب أن يقرأ و يقرأ و يقرأ , و المقصود هو قراءة العمل مرة بعد مرة, و لكن ما فائدة تكرار القراءة؟
غالبا القراءة الأولي تكون دوما للمتعة لذا تكرار القراءة لنفس العمل سيفيد الكاتب في التركيز على معرفة
مواطن الضعف و القوة في العمل, و يجعله ناقدا جيدا يبصر العيوب بسهولة مرة بعد مرة
مما يسهل له تلافيها أثناء الكتابة ,
كذلك يجعله يفهم بوعي أكبر كيف أبرز الكاتب مواطن الجمال التي راقت له كقاريء أثناء القراءة ؟
و لقد كان أحد الكتاب الفرنسيين يسأل نفسه هذه الأسئلة دوما بعد قراءته لكل عمل
ما الذي حبّب هذا الكتاب إلى؟ ما الذي كرهته فيه؟ ماذا أثارني فيه و حرك كوامن حزني؟
كيف انتهج المؤلف أسلوبه ذاك؟ هل الأسلوب سلس أو معقّد، مبهم أو واضح؟
كيف تمَّ بناء الشخصيات و هندسة الأحداث؟ هل الحوارات مقنعة و السرد وافٍ؟
هل هي ضامرة و شاحبة لم تروِ ظمأ و لا أشبعت فضولاً ؟
لابد قبل أن تبدأ في الكتابة أن يكون واضحا لك ماذا تريد أن تقول أو توصل للقاريء من كتابتك ؟
ربما أردت التعبير عن فكرة أو فلسفة معينه أو هدف أو لا شيء , المهم أن يكون لديك شيء تريد إيصاله
و لنا هنا مثال غريب بعض الشيء و هو الكاتب الصهيوني الملقب بالكاتب الكابوسي
- لأنه كان يعتمد على إيصال المعاناة و الضيق عبر كتاباته إلي القاريء - و كان دوما هكذا في كل كتاباته
حتى قال عنه الفرنسي جان جينيه :
"يا له من حزن ! لا شيء يمكن فعله مع كافكا هذا، فكلما اختبرته و اقتربت منه أراني أبتعد عنه أكثر"
و هذا يدل على براعة الرجل في إحباط القراء و نقل ما يشبه كابوس حقيقي إليهم
و بالطبع هذا هدف سيء و لم أضربه مثل لنقتدي به و إنما لنرى كيف كان بارعا في إيصال هذا الإحباط
للقراءلأن لديه هدف و فكرة راسخه أراد أن يوصلها من البداية
غرفة ريفية عادية , بيت على سفح جبل , شاطيء البحر , غرفة مكتب , لا يهم أين تجلس و أنت تكتب ؟!
المهم هو أن لا تقيد نفسك بمكان محدد تجلس فيه لتكتب, و أن تكتب في المكان الذي ترتاح فيه فقط
و على الوضعية التي تريحك أنت , فابتعد عن تقليد غيرك في هذا الشيء
لأن لكل إنسانشخصيته و نحن لسنا متشابهين جميعا و لا تُعر انتباهاً لمن ينصحك في مثل هذه الجزئية،
فهناك من المبدعين من كان يكتب و لو على ورقة سجائر كما أن منهم من لا يكتب إلا و هو على مكتب رائع
و خلاصة القول أنه لو كان بداخلك شيء فسيخرج في أي ظرف و تحت أي ضغط..
و إذا لم يكن هناك شيء فمهما فعلت و وفرت له الظروف فصدقني ستتعب و لن تجني شيئا مفيدا
للقصة أنواع مختلفة.. من حيث الراوي ...
فيمكن أن يكون الراوي هو البطل كأن يبدأ الكاتب حديثه على لسان البطل
و يمكن أن يكون الكاتب راوٍ فحسب.. لا يعدو أن يكون مراقباً و راصداً لحركات البطل أو الأبطال
متابعاً سير الأحداث، دون أن يتدخل في السياق،
و من الممكن أيضا أن يتقمص الكاتب روح كل كائنات القصة و أبطالها،
يفصح عما في خلجاتهم و يدور مع نزعاتهم
فتخير أسلوب الراوي الذي تريد و كن عليه في روايتك
النهاية البليغة لها تأثير كبير.. فالنهاية هي آخر ما يطالعه القارئ
و بالتالي يمكن أن تكون الشيء الأكثر جاذبية فيها
و تعد النهاية الموفقة أحد أهم عناصر نجاح القصة أو الرواية
فالبعض يختار أن تكون النهاية مخيبة لآمال القارئ بأن تسير به
في اتجاه مغاير تماما لما يوجهه إليه العمل ككل
و رغم إحباط القارئ فإنه يستبطن إعجابا بهذا الكاتب اللطيف الذي خدعه و سار به في اتجاه مغاير
و يمكن أن تكون النهاية مفتوحة تستدعي من المتلقي الاشتراك في العمل بعد نهايته
بأن يسرح هو بخياله مع العمل ليتمه
و البعض يختار النهاية الدائرية بأن ينهي بجملة هي ذاتها التي بدأ بها
ربما ليدلل على تكرار الحدث مرات و مرات
و نختم بنصيحة أحد الكتاب :
"خبئ للقارئ دائماً في خاتمة القصة قطعة مُرّ أو حلوى, خبئ له
مفاجأة ـ و لو صغيرة ـ تكون آخر هداياك له".
أرجو أن تكونوا قد استفدتم و سنكمل في العدد القادم بإذن الله
code][quote]